منذ 2 سنة 4 شهر 1 أسبوع 6 يوم 12 س 47 د 48 ث / الكاتب Zainab Chouman

تغرّد وزارة الطاقة والمياه في كوكب آخر عن أصحاب المولّدات حتى أصبحت التسعيرة الشهرية للمولدات تخضع لرغبة صاحب المولّد ومزاجه في ظل عجز الجهات المعنية عن المراقبة أو المحاسبة فيما يخضع المواطن اللبناني لأقصى حدّ من الإبتزاز و/ أو الخنوع لأصحاب المولّدات وبالتالي الرضوخ ودفع أموال طائلة ...

 

في دولة الفساد والفلتان الأمني، أثبت التجار جشعهم الخيالي في ظل أزمة خنقت كافة أطياف الشعب اللبناني. ومع غياب الرقابة والمحاسبة، وجد أهالي بلدة سرعين أنفسهم تحت رحمة صاحب المولّد الوحيد في البلدة ...ومع بداية كل شهر عليهم إما الخنوع لتسعيرته المختلفة عن التسعيرة الرسمية أو تمضية أيامهم ولياليهم يصلّون في ظلّ الشموع علّ الباري يكللهم ببعض رحمته.

 

في تلك البلدة المترامية على أطراف الحرمان المدقع، وجد صاحب المولّد الوحيد في البلدة نفسه ذي سلطة عظيمة وسلاح حادّ ولو مارست هيئة البلدية دورها وصلاحياتها لما امتلك القدرة على الإحتكار  أو ممارسة أقسى أنواع التعذيب...

ومع بداية كل شهر، يتجدد الكابوس، بانتظار التسعيرة الجديدة وفق أهواءه ومزاجه فالقانون مرميّ في جوارير النافذين،و الرقابة أغمضت أعينها عن المحتكرين والفاسدين إلا عمّن لا حول له ولا سند...ومع امتعاض الأهالي من التسعيرة أو مع مُساءلتهم للجابي عن سبب الغلاء، يسارع  الأستاذ "علي حمّود" الذي أصبح محور أحاديث الكثيرين في الخفاء بقطع الكهرباء ممارساً المزيد من البطش ليضع عشرات البيوت رهن "ضوء الشموع" في زمن كثّرت فيه السرقات وعمليات السطو والقتل.

ومع بداية الشهر المنصرم ، وعند تسعيرة جاوزت التسعة آلاف وامتعاض الكثيرين وحدوث المشاكل، تدخلت البلدية لحل النزاع – في اتفاق خفيّ أرضى الطرفين - بإنقاص 500 ليرة لبنانية عن السعر المعتمد من قبله...ومن لا يرضى بذلّ الكهرباء كانت له الشمعة خير أنيس وجليس...ليبقى المواطن الفقير ضحية أصبحت إهانتها مباحة في أزمة تكاد تكون الأقسى في تاريخ لبنان.

 

هي حرب علنية، بطلها صاحب المولّد الوحيد، ولربما لو وجد له منافساً لما استباح شقاء أهالي البلدة، ومع تموضع أهالي البلدة تحت عباءة العائلات وجدوا أنفسهم رهن لعبة قمار يمارسها كل شهر ليسلبهم عرق جبينهم، وال"شائعة" المنتشرة أو التي جرّب نشرها بين ذوي النفوس البسيطة هي أن وزارة الاقتصاد إستثنائياً منحته تسعيرة خاصة للضغط الذي يعيشه في تأمين المازوت وارتفاع الأسعار.ومع بداية هذا الشهر "لعبة الموت" بدأ يتقن فصولها : إمتعاض الأهالي، قطع الكهرباء، ضجيج الظلام، ومن ثم استسلامهم ف"الكرة" في ملعبه و" الحق" مع الأقوى دوماً طالما أن البلدية تدعم الأقوى في اتفاقات تُحاك في الغرف المظلمة التي تقسم المحصود بين أصحاب النفوذ وتترك للفقراء الفتات.

 وعند امتعاض المشترك ز.ش أشار جابي الإشتراك أن الدولة لا تعوّض على صاحب المولّد الأعطال الحاصلة وأن ارتفاع أسعار المحروقات المتوقع على المشترك تحمله ولا أحد مُجبر على الإشتراك ويمكن الإستعاضة عن نور الكهرباء بالشمع.

بالتأكيد ليس صاحب المولّد المذكور  الوحيد، ولن يكون الأخير طبعاً فتعدّد المحتكرون والضحية واحدة : مواطن فقير، عرف طعم الذلّ في أزمة ينادي فيها الوزراء  ورجال السياسة بمكافحة الفساد في المؤتمرات الصحفية والإطلالات الإعلامية لكنهم نيام عن مواطن أصبح يدفع من روحه ليمضي يومه...

"ع.ح. ش" نموذج واحد يثبت أن الرقابة والمحاسبة وهمٌ، والضمير غفا ونام في خزائن مكدّسة بالأموال...أما المواطن فله شمعة و تسبيح ودمعة تسقط في يد الإله كلّ مساء علّها تشعل فجر الظلام يوماً ما...أما اليوم فعليه الخنوع لأصحاب النفوذ فالدولة أغمضت عينيها عن ظلام مواطن وصمّت آذانها عن أنينه والرقابة وهمية .